صالح علماني... نافذة أدباء اللاتينية على الشرق
صالح علماني مترجم فلسطيني سوري، ولد في مدينة حمص في سوريا سنة 1949 وفيها أمضى معظم سنوات طفولته. سافر إلى برشلونة لدارسة الطب ولكن ما لبث أن تركها لدراسة الصحافة التي قضى في دراستها سنة واحدة قبل أن يتركها هي الأخرى وينتقل من عمل لآخر لكسب قوت يومه.
اهتمّ علماني في تلك الفترة بالأدب الإسباني وذلك مع انشار الرواية اللاتينية. التقى في أحد مقاهي برشلونة بصديق له كان يحمل رواية مئة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز فنصحه الصديق بقراءة الرواية، وعندما قرأها سحرته لغتها العجيبة وعوالمها السحرية وجذبته صفحاتها جذباً شديدًا فقرر أن يترجمها. بدأ بترجمتها، فترجم فصلين منها ولكن عودته إلى دمشق شغلته عن إكمالها إلا أنه ظل متعلقًا بأدب ماركيز فترجم له قصصًا قصيرة ونشرها في الصحف المحلية. كان صالح علماني حينها يعمل على كتابة روايته الأولى ولكن اهتمام النقاد بترجماته جعله يحترف مهنة الترجمة ويمزق مخطوط روايته الأولى قائلًا لنفسه "أن تكون مترجماً مهماً أفضل من أن تكون روائياً سيئاً".
في دمشق عمل صالح علماني في وكالة الأنباء الفلسطينية ومترجماً في السفارة الكوبية بدمشق، ثم انتقل للعمل في مديرية التأليف والترجمة والهيئة العامة السورية للكتاب التابعتين لوزارة الثقافة السورية وبقي فيها حتى بلوغه سن التقاعد عام 2009.
يعد علماني واحداً من أشهر المترجمين العرب المعاصرين فقد ترجم أكثر من 100 عمل أدبي من الأدب اللاتيني إلى العربية ونقل إلى قراء العربية عشرات الأعمال الأدبية لأهم الكُتّاب والروائيين اللاتينيين ففتح لهم نوافذ الواقعية السحرية في الأدب اللاتيني، فتعرف القارئ العربي من خلال ترجماته على أدب غابرييل غارسيا ماركيز وماريو بارغاس يوسا وإيزابيل الليندي وخوسيه ساراماغو وميغيل إنخل إستورياس وغيرهم، ويمكن القول إن علماني يعتبر عرّاب الأدب اللاتيني في العالم العربي. وقد تكون رواية مئة عام العزلة أحد أشهر الروايات التي ترجمها علماني خلال مسيرته المهنية، إن لم تكن أشهرها، إلا أن أول رواية ترجمها كانت رواية ليس لدى الكولونيل من يكاتبه والتي حظيت بالاهتمام ودفعته لاحتراف الترجمة.
ومن أهم الروايات التي ترجمها علماني إلى العربية: مئة عام من العزلة والحب في زمن الكوليرا وقصة موت معلن وليس لدى الكولونيل من يكاتبه والجنرال في متاهة للروائي غابرييل غارسيا ماركيز. كما ترجم للروائي مايو بارغاس يوسا عدداً من الروايات ومنها حفلة التيس ورسائل إلى روائي شاب وشيطنات الطفلة الخبيثة، وللروائية إيزابيل الليندي ابنة الحظ وصورة عتيقة وحصيلة الأيام. يضاف إلى ذلك عشرات الأعمال الأدبية والشعرية والمسرحية.
حظي صالح علماني باهتمام النقاد والأدباء فقال عنه الشاعر محمود درويش "هذا الرجل ثروة وطنية ينبغي تأميمها"، كما وصفه الأديب البيروفي بارجاس يوسا بأنه "نافذة لأدباء اللاتينية على الشرق".
حصلَ علماني على العديد من الجوائز والأوسمة على أعماله من مدرسة طليطلة للمترجمين عام 2013، وفي عام 2014 حصل على وسام الثقافة والعلوم والفنون الفلسطيني (للكتابة الإبداعية) من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما حصل في عام 2015 على جائزة «جيرار دي كريمونا» للترجمة، وحصل عام 2016 على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة ضمن فئة الإنجاز الفردي وكذلك على جائزة الشيخ حمد للترجمة في نفس العام عن ترجمة رواية عشر نساء لمارثيلا سيرانو. وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات والمجموعات البحثية العربية والدولية حول الترجمة وأشرف على عدد من وُرَش الترجمة التطبيقية في معهد سيرفانتس بدمشق.
انتقل علماني في أواخر حياته للعيش في اسبانيا بعدما طالبَ كتاب من أميركا اللاتينية الذين ترجم لهم أعمالهم الحكومة الاسبانية بمنحه الإقامة على أرضيها تكريماً لإنجازاته في نقل الأدب الإسباني اللاتيني إلى العربية فكان له ذلك بعد نزوحه من سوريا.
توفي صالح علماني في مدينة بلنسية في اسبانيا عن 70 عاماً.